التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خان أسعد باشا

لقد كان لموقع دمشق على طريق القوافل الأثر الأكبر في جعل خاناتها مركزا للنشاط التجاري وشاهدا على حركة الازدهار الاقتصادي وحلركة تبادل البضائع بين المدن والدول الاسلامية فضلا عن كونها مكانا آمنا لمبيت الزوار والمسافربدين القادمين من بغداد والموصل وحلب وبيروت وأماكن أخرى . لقد تحولت الخانات الى أسواق مغلقة تتم فيها عمليات بيع وشراء وتبادل البضائع بين التجار . يوجد في دمشق وحلب العديد من الخانات الا أن خان أسعد باشا يعتبر واحد من أكبر وأهم هذه الخانات يقع خان أسعد باشا في قلب مدينة دمشق القديمة متوسطا أحد أهم الأسواق التراثية في المدينة وهو سوق البزورية ،بناه الوالي أسعد باشا العظم سنة (1167ه ،1753م) وقد وصف خان أسعد باشا بأنه من أرقى الخانات في دمشق وأكثر الأعمال المعمارية طموحا في المدينة . يقع خان أسعد باشا في منتصف سوق البزورية على يمين الداخل الى السوق من جهة مدحت باشا يحده شمالا حمام نور الدين زنكي الملقب بالشهيد ودار القرآن والحديث التنكزية (المدرسة الكاملية)ويحده جنوبا خان الرز يفصل بينهما سوق الصقالين ويحده شرقا زقاق السلمي والبيوت العربية القديمة ،كما يشرف من سطحه على مبان ومعالم أثرية كالجامع الأموي وقصر العظم وحمام النوري وأسواق دمشق الشهيرة . تبلغ مساحة هذا الخان 2500 متر مربع ويطل على سوق البزورية بواجهته الغربية التي تبلغ 47 مترا
تحتضن هذه الواجهة بوابة الخان الكبيرة الحجم ومسجد صغير ودكاكين ومخازن تجارية وتحتل واجهته الجنوبية المطلة على خان الرز وسوق الصقالين حوالي 52 مترا تتوزع فيها المحال التجارية ، أما الواجهة الشرقية فهي سور أصم يطل على زقاق الحي المجاور أما واجهته الشمالية فيصل طولها الى 25مترا ولكنها محجوبة بالمباني .
استخدم في بناء الخان الحجر البازلتي الأسود والحجر الكلسي حيث يتم التناوب بينهما ليأتي صف من الحجر البازلتي يعلوه صف صف من الحجر الكلسي ويمتاز الخان بواجهة عريضة في وسطها بوابة ضخمة مزخرفة يعلوها ساكف (أعلى الباب )مزخرف بقوسين بارزين متشابكين وفوقهما تجويف من المقرنصات (الهوابط) يحيطه قوس مركب من أحجار متشابكة مسننة بلونين أبيض وأسود متناوبين وفوقه نافذتان وعلى جانبي القوسمن الأعلى نوافذ مستطيلة ومن الأسفل فتحتان مزودتان بفسقيتين (سبيلين)للمياه ، يلي باب الخان دهليز ذو سقف يتميز بعناصر هندسية وزخرفة متنوعة
يلي الدهليز درج عن اليمين ودرج عن اليسار يصل الى الطابق الثاني الذي يحيط به رواق مسقوف بالقباب يطل بقناطره الحجرية على باحة الخان .أما باحة الخان فهي عبارة عن فناء مربع ذو فتحة سماوية دائرية توحي أنها كانت مغلقة بقبة وفي وسط الباحة بركة مثمنة وجدران الباحة التي تشكل واجهات الغرف المبنية بالحجر الأبيض والأسود بمداميك متناوبة ويحيط بالفتحة السماوية ثمانية قباب تغطي الباحة عدا مركزها بمساحة 729متر مربع ويتألف الخان من طابقين : الطابق السفلي ويحوي واحدا وعشرين مخزنا أكثرها مزود بمستودعات وفي القسم الشمالي مسجد صغير ينفتح الى خارج الخان . أما الطابق العلوي فيتألف من أروقة مشرفة على الباحة وخلفها خمسة وأربعون غرفة وجناح للخدمات وجميع الغرف مغطاة بقباب صغيرة وذات أبواب ونوافذ مازالت تحتفظ بأصالتها مع أقفالها .
ان الزائر لخان أسعد باشا يشاهد فيه ألوانا من الابداع والفن المعماري بدءا من انتظام حجارة البناء ومرورا بالزخرفات المتنوعة والمنتشرة على الأسقف والأبواب ولا ننسى القباب المنتشرة على مساحة الخان لقد كان خان أسعد باشا بحق أحد أكثر الأعمال المعمارية طموحا وابداعا في دمشق .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أسواق دمشق (سوق الحميدية)

سوق الحميدية : هو أحد أكبر وأشهر أسواق دمشق وقد بني السوق بشكله الحالي في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الأول عام 1780 ميلادي وقد اشتق اسمه من اسم هذا السلطان . يبدأسوق الحميدية عند التقاء نهاية شارع النصر مع شارع الثورة بجانب قلعة دمشق وهو سوق مغطى بالكامل وكانت تزين سقفه ثقوب كثيرة نتجت عن اطلاق النار على السوق من الطيران الفرنسي خلال التمرد على الانتداب وتنفذ من خلال هذه الثقوب  أشعة الشمس الى السوق كما تمتد نوافذ جانبية على جانبي السقف وعلى طول السوق ويقع سوق الحميدية في أحضان المعالم  الأثرية التي تحيط به كقلعة دمشق والمكتبة الظاهرية والجامع الأموي وغيرها من المعالم الأثرية  ويتفرعن سوق الحميدية العديد من الاسواق مثل سوق الحريقة وسوق البزورية وسوق العصرونية وسوق الحرير وغيرها من الأسواق . وينتهي سوق الحميدية عند بوابة معبد جوبيتير الدمشقي ومنه الى الساحة أمام الجامع الأموي في قلب المدينة القديمة . تباع في سوق الحميدية مختلف أنواع البضائع مثل الاصناعات التراثية كالصناعات النحاسية والأرابيسك والمصدفات وكافة أنواع الألبسة وأدوات الزينة والعطورات والذهب و...

مدينة تدمر(Palmyra)

تاريخ المدينة: تدمر باللاتينية (بالميرا-Palmyra) ومعنى تدمر في اللغة الاّرامية (المعجزة) ورد ذكر تدمر في السجلات التاريخية للمرة الاّولى في الألفية الثانية قبل الميلاد وانتقلت في تلك الفترة بين أيدي عدة دول حاكمة الى أن انتهى بها المطاف تحت سلطة الامبراطورية الرومانية في القرن الأول بعد الميلاد. كانت تدمر مدينة عظيمة الثراء بفضل موقعها الذي يقع عند نقطة تقاطع عدة طرق تجارية في العالم القديم وكانت حركة التجارة نشطة جدا بين دول الشرق والغرب ويظهر ذلك من مراسلاتهم حيث كانو يتراسلون مع دول الشرق باللغة الاّرامية ويراسلون دول الغرب باللغة اللاتينية وقد كان طريق الحرير الذي هو أحد أهم الطرق التجارية القديمة ويمتد من الصين شرقا الى أوربا غربا يمر بها وقد اشتهر التدمريون بمدن كثيرة أقاموها على هذا الطريق . وقد مكنتهم أرباح تجارتهم من انشاء أبنية هائلة في مدينة تدمر مثل كولوناد تدمر الكبير و معبد بل وقبور قائمة على هيئة أبراج . الرواق العظيم المؤدي الى قوس النصر المسرح الروماني كما اهتم التدمريون بالزراعة وطوروها من حيث بناء السدود لتجميع المياه وتطوير أساليب الري كم...

من مفكرة عاشق دمشقي للشاعر نزار قباني

يقول الشاعر في دمشق:  فرشت فوق ترابك الطاهر الهدبا              فيا  دمشق    لماذا    نبدأ     العتبا؟ حبيبتي   أنت   فاستلقي   كأغنية             على ذراعي ولا  تستوضحي السببا أنت  النساء جميعا ما  من  امرأة             أحببت   بعدك   الا     خلتها    كذبا        ياشام ، انّ جراحي لا ضفاف لها              فمسّحي عن جبينك الحزن  و التعبا    وأرجعيني  الى  أسوار  مدرستي             وأرجعيني الحبر والطبشور والكتبا تلك الزواريب كم كنز طمرت بها            وكم  تركت  عليها  ذكريات   صبا  وكم رسمت على جدرانها صورا             و...